صفحة 1 من 1

أيهما أصعب مرضاً! مرض القلب أم البدن؟

مرسل: الجمعة إبريل 17, 2020 4:29 am
بواسطة وردة
أيهما أصعب مرضاً! مرض القلب أم البدن؟


في أزمة كورونا أدركنا قيمة الحياة، والإسلام، والأهل والأصدقاء، وقيمة الأمان والسلام والصحة والعافية وقيمة العمل، واستشعرنا نعماً كثيرة كُنا نعيشها دون أن نشعر بها، فالحمد لله رب العالمين إنه ربٌ رحيمٌ في عطاياه، ورحيمٌ في عبده إذا ابتلاه.

فكيف حالنا اليوم مع مرض كورونا لماذا كل الناس ذعرت وخافت منه!!،
وما الفرق بينه كمرض يشعر المصاب بأعراضه التي ظهرت على بدنه، وبين أمراضٍ أخرى تظهر في سلوكياته ناتجة عن أمراضٍ في قلبه؟؟
ومن الأولى أن يخاف الناس منه مرض القلب أم مرض البدن؟

وبما أننا شعرنا بخطر كورونا، وعرفنا كيفية الحد من انتشاره وعلاجه، فهل نعرف ما هي أمراض القلوب وما خطرها، وأثرها! وكيف نتخلص منها؟؟
فهذه ومضات لأصحاب العقول النيرة أمثالكم لنبحث معاً ونتأمل لنحيا حياةً أفضل، سائلة المولى عز وجل أن يجعلني وإياكم مفاتيحاً للخير مغاليقاً للشر، وأن يُخلصنا لوجهه الكريم.



قال الإمام ابنُ القيِّم رحمه ﷲ:

«فأمراضُ القلوبِ أصعبُ من أمراضِ الأبدانِ لأن غايةَ مرض البدن أن يُفضِيَ بصاحبه إلى الموت، وأما مرضُ القلبِ فيُفضي بصاحبه إلى الشقاءِ الأبدي، ولا شفاء لهذا المرض إلا بالعلم».[مفتاح دار السعادة (٣٧٠/١)]


فما الفرق بين أمراض القلوب وأمراض الأبدان؟؟

الله جل في علاه جعل الناس يولدون على الفطرة موحدين لله جل في علاه، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مولود يولد على الفطرة؛ فأبواه يُهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، فالفطرة التي فطر الله عليها خلقه هي الإسلام؛ وهي التسليم بوحدانية الله وعبادته قولاً وعملاً ابتغاء وجهه جل في علاه .
وكمال توحيد الله يقتضي الرضا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً؛ وتبعاً لذلك سيرضى العبد عن الله وعن أقدار الله فيُطهر قلبه وأنفاسه من الحقد والغل والحسد والكبر والعجب والمباهاة وغيرها من أمراض القلوب التي تُفسد على العبد قلبه وحسن عبادته،

فهذه الأمراض القلبية بانتشارها وعدم علاجها تتعارض مع غاية وجوده في هذا الكون من عبادة الله وحده لا عبادة نفسه وأهوائه، وعمارة الأرض وخلافاتها وإقامتها على شرع الله لا ما يُملي عليه الغرب من أحكام تتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف.
فهذه وقفة تأمل إخواني وأخواتي، لنراجع أنفسنا إن أردنا السعادة في الدنيا والآخرة فعلينا بحكم ربنا وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والسعي لإصلاح أنفسنا وقلوبنا ليعُم الخير بين العباد فمن حبي الخير لنفسي ولأمتي أن أصلح فساد قلبي، وأستعين بالله على طاعته وحسن عبادته وتزكية نفسي وتحسين أخلاقها، فإن غيرت نفسي سيُغير الله من حولي بحسن ظني بالله وحسن تعاملي معهم لوجه الله، فلو كل واحدٍ منا اعتبر نفسه أنه جزء من المجتمع وصلاحه يصب في صلاح المجتمع لتغيرت نظرتنا للحياة وللعبادة ولتحسنت أخلاقنا واتحدت أمتنا،
فالله جل في علاه قال: "إن الله لا يُغير ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم"

فالآن يُعاني العالم برمته من فايروس كرونا؛ بالرغم من صُغر حجمه لدرجة عدم رؤيته بالعين المجردة إلا أنه أحدث انقلاباً كبيراً في العالم، وتغيرات سريعة في قرارات الحكومات التي ذعرت منه، مما دفعتها لاتخاذ إجراءات صحية صارمه للحد من انتشاره لسرعة التخلص منه، وفرضت بعض الدول غرامات لمن خالف قرار التزام بيته،
فهذه الإجراءات صحيحة وسليمة ووجب علينا اتباعها جميعاً؛ لأنها تصب في صالح الفرد والمجتمع، ومخالفة الفرد الواحد قد يكون فيه هلاك لمجتمعه إن كان مصاباً.

فهذا المرض وانتشار الوباء يُذكرنا بحقيقة ضعفنا وبعظمة الله وقدرته وأنه جعل لنا أسباب توقظنا من غفلتنا وتُعلمنا أننا قادرين على التغيير كما استطعنا الحجر في بيوتنا لمدة تجاوزت الشهر، سنستطيع تغيير قلوبنا بعلاجها بالقرآن والسنة فمهماً وتدبراً وعلماً، ولنقرأ في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ليكون لنا قدوة في أخلاقنا وعباداتنا وتعاملنا مع خلق الله. كما أن هذه الأزمة تُذكرنا أن الله جل في علاه هو خالق الكون فوضع له قوانين وأحكام لتحفظه لا لغاية التضيق عليه وإتعاسه كما يدعي الجاهلون، بل الله يُحبنا ويريد أن يُسعدنا فلذا وضع الحدود القائمة على الأحكام الشرعية لأن في إقامتها حياة للأمة لتحيا بسعادة وأمان وسلام.

ورحم اللهُ ابنَ شُبرمة لما قَالَ:
«عَجِبْتُ لِلنَّاسِ يَحْتَمُونَ مِنَ الطَّعَامِ مَخَافَةَ الدَّاءِ، وَلَا يَحْتَمُونَ مِنَ الذُّنُوبِ مَخَافَةَ النَّارِ!».
[سير أعلام النبلاء للذهبي (٣٤٨/٦)]

فهذه فرصة كل من أحب الله ورغب في رضاه أن يُغير حياته وطريقه ليكون على الصراط المستقيم،
فالآن من كان يزعم أنه لا يستطيع أن يُمسك نفسه عن المحرمات والذهاب للحفلات الغنائية والمقاهي والعلاقات المحرمة، انقطاعه هذه المدة تُثبت له قوة إرادته وأنه هو من يُقنع نفسه بما يريده إن أراد الخير لنفسه ولدينه ودنياه وآخرته سيسعى له و سيبعد نفسه عن الحرام حتى بعد كورونا، خاصة وأن هذه الأزمة من رحمة الله بعبادة أن أتبعها بشهر فضيل حتى تُغسل ذنوبنا وتُطهر جوارحنا وتثبت على الطريق المستقيم أقدامنا؛ فجعل الله الشياطين مُصفدة، والأعمال الصالحة فيها مضاعفة والابتعاد عن المنكرات وصحبة السوء من الأعمال الصالحة التي يُضاعف الله أجورها في رمضان،
فاتركوا كل شيء تهواه أنفسكم لله، وانظروا في كرم الله وعطائه وكيف سيعوضكم خيراً مما تركتموه من عرض الدنيا وتفاهاتها وزخرفها.

"فمن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه"، ولنتعظ بأولئك الذين انتقلوا إلى رحمة الله قبل شهر رمضان بأيام قليلة، فلا ندري هل سيمد الله في أعمارنا لنشهد رمضان ونحييه بالأعمال الصالحة، أو سننتقل إلى رحمة الله!

فهذه فرصتنا لنبدأ وننوي التغير من هذه اللحظة، نعم! الآن حان وقت التغير، ماذا ننتظر!! فالله ينظر إلى قلوبنا ونوايانا فإن أحسنا أحسن الله إلينا، وإن أسأنا فالخسارة ستلحق بنا والشقاء سيكون نصيبنا؛ فلنحسن الاختيار ولنكثر من التسبيح والاستغفار.

قال الله جل في علاه:((فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا، يُرسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا، وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارً))


أصلح ﷲ العباد والبلاد ورفع البلاء عن الأمة، ووفقها لطاعته وحسن عبادته،
بقلم من تحب لكم الخير دوماً وأبداً أختكم: وردة

Re: أيهما أصعب مرضاً! مرض القلب أم البدن؟

مرسل: الجمعة إبريل 17, 2020 6:52 am
بواسطة الظليم-2
جزاك الله خير.

Re: أيهما أصعب مرضاً! مرض القلب أم البدن؟

مرسل: السبت إبريل 18, 2020 2:33 am
بواسطة وردة
الظليم-2 كتب:جزاك الله خير.
آمين واياكم أستاذي الظليم، وبارك الله فيكم وأحسن إليكم.

Re: أيهما أصعب مرضاً! مرض القلب أم البدن؟

مرسل: السبت يوليو 25, 2020 8:20 pm
بواسطة وداد
تم الاطلاع

Re: أيهما أصعب مرضاً! مرض القلب أم البدن؟

مرسل: الاثنين ديسمبر 21, 2020 4:43 pm
بواسطة ام رين
جزاكم الله خيرا

Re: أيهما أصعب مرضاً! مرض القلب أم البدن؟

مرسل: الاثنين يناير 03, 2022 11:07 am
بواسطة ابو عادل
جميل جداً